الثلاثاء، 4 أغسطس 2009

باب التوبة : من كتاب ( رياض الصالحين )




2- باب التوبة باب التوبة : من كتاب ( رياض الصالحين )
قال العلماء‏:‏ التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمى، فلها ثلاثة شروط‏:‏
أحدها ‏:‏ أن يقلع عن المعصية‏.‏
والثانى‏:‏ أن يندم على فعلها‏.‏
والثالث‏:‏ أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً‏.‏ فإن فُقد أحد الثلاثة لم تصح توبته‏.‏وإن كانت المعصية تتعلق بآدمى فشروطها أربعة‏:‏ هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالاً أو نحوه رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها‏.‏ ويجب أن يتوب من جميع الذنوب ، فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب، وبقى عليه الباقى‏.‏ وقد تظاهرت دلائل الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة على وجوب التوبة‏:‏
قال الله تعالى‏:‏ ‏
{‏وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون‏}‏ ‏(‏‏(‏النور‏:‏ 31‏)‏‏)‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏استغفروا ربكم ثم توبوا إليه‏}‏ ‏(‏‏(‏هود‏:‏ 3‏)‏‏)‏ وقال تعالى‏:‏‏{‏ يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً‏}‏ ‏(‏‏(‏التحريم‏:‏ 8‏)‏‏)‏‏.‏
1/13-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏
2/14- وعن الأغر بن يسار المزنى رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ ياأيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإنى أتوب في اليوم مائه مرة‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏
3/15- وعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصارى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏ لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة ‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏
وفى رواية لمسلم‏:‏
لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هو بها، قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح‏:‏ اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح‏"‏‏.‏
4/16-
وعن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعرى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏
5/17-
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏ من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏
6/18-
وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال‏:‏ حديث حسن‏)‏‏)‏‏.‏
7/19-
وعن زر بن حبيش قال‏:‏ أتيت صفوان بن عسال رضي الله عنه أسأله عن المسح على الخفين فقال‏:‏ ما جاء بك يازر‏؟‏ فقلت‏:‏ ابتغاء العلم، فقال‏:‏ إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضي بما يطلب، فقلت‏:‏ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فجئت أسألك‏:‏ هل سمعته يذكر في ذلك شيئاً‏؟‏ قال‏:‏ نعم، كان يأمرنا إذا كنا سفراً- أو مسافرين- أن لا ننزع خفافناً ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم‏.‏ فقلت‏:‏ سفر، فبينا نحن عنده إذ ناداه أعرابى بصوت له جهورى‏:‏ يا محمد، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحواً من صوته‏:‏ ‏"‏هاؤم‏"‏ فقلت له‏:‏ ويحك اغضض من صوتك فإنك عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد نهيت عن هذا‏!‏ فقال‏:‏ والله لا أغضض‏.‏ قال الأعرابى‏:‏ المرء يحب القوم ولما يلحق بهم‏؟‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ المرء مع من أحب يوم القيامة‏"‏ فما زال يحدثنا حتى ذكر باباً من المغرب مسيرة عرضه أو يسير الراكب في عرضه أربعين أو سبعين عاماً‏.‏ قال سقيان أحد الرواة قبل الشام خلقه الله تعالى يوم خلق السشماوات والأرض مفتوحاً للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه الترمذي وغيره وقال‏:‏ حديث حسن صحيح‏)‏‏)‏‏.‏
8/20-
وعن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال‏:‏ إنه قتل تسعه وتسعين نفساً، فهل له من توبة‏؟‏ فقال‏:‏ لا، فقتله فكمل به مائةً، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم فقال‏:‏ إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة‏؟‏ فقال‏:‏ نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة‏؟‏ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوءٍ، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب‏.‏ فقالت ملائكة الرحمة‏:‏ جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب‏:‏ إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم- أي حكماً- فقال‏:‏ قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق